الشبكة الميزابية
جمعياتنا منتوجاتنا تقاليدنا مذهبنا أنظمتنا مدنــنا تاريخنا من هم ميزاب
أشعار ميزابية مواقع ميزابية فلاشات ميزابية قالوا عن ميزاب حضارة ميزاب صور ميزاب ميزاب جغرافيا شخصيات ميزابية

تاريخ بني ميزاب

- إن الحديث عن تاريخ بني ميزاب يتطلب مجلدات كبيرة ...., و لكنني أحاول أن ألخص لكم أشد التلخيص حياة الميزابيين من قبل الفتح الإسلامي إلى يومنا هذا, ملخصا ذلك في خمسة أجزاء أو عهود .

1- التطور الحضاري لميزاب  :
 يمكن تقسيم تاريخ وادي ميزاب إلى خمس عهود متمايزة :
العهد الأول :  يمتد من قبل الفتح الإسلامي إلى غاية القرن الرابع هجري و كانت المنطقة تعرف فيه ببادية بني مصعب و كان سكانها يغلب عليهم طابع البداوة و البساطة , ويمتاز هذا العهد بأن سكان أرض الشبكة اعتنقوا الإسلام ببساطة ثم سبقت إليهم آراء المعتزلة فأخذوا بها , وحافظوا على نظام حياتهم كشعب يعتمد بالدرجة الأولى على تربية المواشي و الزراعة.


ا
لعهد الثاني:   يمتد من نهاية القرن الرابع  هجري إلى نهاية القرن الثامن  , و فيه تم تأسيس القرى الخمس الموجودة حاليًا  , و تحولوا تدريجيًا إلى المذهب الإباضي , وأنيطت إدارة شؤون كل قرية بحلقة العزابة التي أصبح مقرها المسجد .


ا
لعهد الثالث : يدوم 4 قرون ونصف من بداية القرن التاسع  إلى إمضاء عقد الحماية مع فرنسا 1853 م , و في هذا العهد  توسع العمران بالوادي بفضل ممارسة التجارة بالتل   , واستقبلت المنطقة  طوائف جديدة , وأسّست القرارة و برّيّان , ولعب الميزابيون دورا متزايدا في تاريخ شمال إفريقيا .


العهد الرابع : دام قرنًا و يمتاز بفقدان ميزاب لاستقلاله السياسي تدريجيا , ومقاومة الإستعمار , والدفاع عن الشخصية الميزابية و قد تأثر بنو ميزاب بالثقافة الأوروبية , ولعبوا دورًا في استرجاع الاستقلال.


العهد الخامس: و يمتد من الإستقلال   إلى هذا العام 2003 و فيه تطور وادي ميزاب متأثرا بالتطور الحضاري للجزائر و شهد ميلاد عدة جمعيات ثقافية  و فنية  ووفاة العديد من مشائخ ميزاب المخلصين.

 

2- تفصيل العهود التاريخية للميزابيين:
 

 

3- أخطاء فادحة : إن من الأخطاء الفادحة  التي قيلت في تاريخ الميزابيين  , و التي آمل أن تكونوا قد عرفتم خطأها فيما سبق ما يلي :
1-
الميزابيون هاجروا إلى وادي ميزاب بعد سقوط الدولة  الرستمية  : فهذا خطأ كبير و قع فيه الكثير من المؤرخين الذين لا يتحرّون الدقة  فيما يكتبون , فلا علاقة  للميزابيين بالرستميين , و إن كانت هناك , فهي أن الرستميين هم الذين هاجرو ا إلى  الميزابيين و استقروا عندهم بعد سقوط دولتهم , أما الميزابيون , فقد سكنوا في وادي ميزاب من العصور  ا لقديمة جدا كما سبق القول في العهد ا لأول للميزابيين  , و للتعرف أكثر  على  حقيقة العلاقة بين الرستميين  و الميزابيين  اذهب إلى عنصر : العلاقة بين بني مصعب و الرستميين.
2- بنو هلال هم السكان ا لأصليون للمغرب و بنو مصعب و البربر  مجرد نازحين : هذا ا لخطأ منتشر  جدا , و هو ليس خطأ ناتجا عن عدم الدقة بل هو  متعمَّد , فبنو مصعب  كما سبق , سكنوا في الوادي منذ القديم جدّا , و بنو هلال لم يهاجروا إلى المغرب قادمين من صعيد مصر  إلا سنة : 1050م - 443 هـ  .
3-
لفظ ميزاب مشتق من ميزاب الكعبة : و هذا خطأ كبير وقع فيه حتى بعض المؤرخين الميزابيين , إذ يقولون : لفظ ميزاب هو لفظ تأهل له كل إباضي حتى من عمان , و ذلك لأنهم يقفون تجاه ميزاب الكعبة للدعاء و لا يقف في ذلك الإتجاه سواهم , و لأن بلالا بن مرداس و قف يدعو الله في ليلة صافية فنزلت عليه قطرة من الميزاب .
لكن هذا خطأ , فما دخل أصل الميزابيين بأصل الإباضية , فالإباضية لم يدخلوا إلى ميزاب إلا بعد سقوط الدولة الرستمية , و إذا كان هذا القول صحيحا , فماذا كان بنو مصعب يسمون قبل مجيء الإباضية ؟ هذا خطأ سهل تعليله.


العهد التاريخي الأول لبني ميزاب ( من قبل الفتح الإسلامي إلى 400 هـ)


1-أصل الميزابيين و البربر : 

نحدر الميزابيون من  بني مصعب البربري من قبيلة زناتة , و كلمة -ميزاب- محرفة من كلمة - مصعب - و سبب تحريف مصعب إلى مزاب أن البربر و الميزابيين خاصة  يحرفون الصاد زايًا في العربية كالصلاة مثلا التي يسميها بنو ميزاب تْـزَالِّــيتْ , فقالوا مصعب ثم مصاب ثم مزاب و ميزاب.

و مصعب هذا هو مصعب بن بادين  انتقل بنوه إلى الوادي و استقروا به مع أولاد عمهم عبد الواد فيه نظرا للظروف الملائمة للعيش به.

البربر:

البربر هم أبناء بربر بن تملاّ بن مازيغ و يسمون أنفسهم أمازيغا نسبة إلى جدهم مازيغ بن كنعان بن حام بن نوح عليه السلام .
و معنى أمازيغ : الرجال الأحرار.

كان البربر أول عهدهم بالشام مع أبناء عمهم فلسطين فوقعت بين الطرفين حروب , فهاجر البربر من الشام , و ساروا إلى المغرب عبر مصر و استوطنوه في العصر الحجري و عمروه من غرب النيل إلى المحيط الأطلسي.

ينقسم البربر   إلى قسمين : البرانس و البتر , كل فرع يتشعب إلى قبائل كثيرة لا تحصى , فشعب زناتة الذي ينتمي إليه بنو مصعب هو أحد شعوب البتر .

و قد كان المصعبيون  يسكنون بجوار منطقة نفوسة في ليبيا ثم إلى جبال الأوراس بالجزائر , ثم إلى منطقة مليانة  ثم إلى ورجلان (ورقلة) ثم إلى وادي ميزاب في العصور القديمة .

3- البربر و الفينيقيون : هاجر الفينيقيون إلى شمال إفريقيا قادمين من الشام عام , فامتزجوا بالبربر و وقعت بينهم علاقات مصاهرة و تزاوج وكان هذا أول اختلاط بين البربر و الشعوب الأخرى .

2- ديانة الميزابيين قبل الإسلام : كان للميزابيين و البربر دين وثني جاؤوا به من الشرق, و كانوا يعتقدون بوجود إله يدبر هذا الكون ,  و لكن لاذات له ترى , و إنما يتجلى لهم في المظاهر التي تروعهم بقوتها أو بجمالها أو بغرابتها , فلذلك يعبدون تلك المظاهر . وهذا الإله الذي يعتقدون أنه مصدر حياة الكون اسمه ’’ آمون’’ و مظاهره هي الكبش الأقرن القوي  و بعض الحيوانات الأخرى مثل الطاووس , و كانوا يعتقدون أن قتل هذه الحيوانات أو ضربها يلحق بهم عاهات كبيرة كالجنون و الشلل ....إلخ.
و كان البربر يعبدون موتاهم و يحترمونهم و يخشون غضبهم و كانوا ينامون على قبورهم ليتلقوا أخبارهم, وغير ذلك من العقائد الجاهلية, لكنهم لما انشرح صدرهم للدين الحق حسن إسلامهم و محوا كل أثر لهذه العادات.

3- اعتناق الميزابيين للإسلام : اعتنق الميزابيون الإسلام ضمن الفتح الإسلامي الذي قام به المسلمون في شمال إفريقيا و الذي انتهى عام 84 هـ -703 م , كما اعتنق كل البربر  الإسلام و ساهموا في نشره ,و اختلطوا أثناء هذه الفترة بالعرب الفاتحين , و لما ظهرت المذاهب الفقهية سبقت إلى بني مصعب أصول المعتزلة فأخذوا بها و طبقوها و كانوا يسمون واصلية نسبة إلى واصل بن عطاء .

4- حياة بني مصعب الإقتصادية: كان يعيش أغلبهم على تربية المواشي و التنقل بها عبر أرجاء الشبكة , بحثا عن الماء أو الكلأ , فكانت حياتهم في منتهى البساطة , شأنهم في ذلك شأن قبائل البدو في كل مكان .
أما صناعتهم فكانت تقتصر  على نسج الخيام و الألبسة من الوبر  .


5
-قرى بني مصعب الأولى: كان بنو مصعب يسكنون الخيام ثم أسّسوا تجمعات سكنية تطورت حتى أصبحت مدنا و قرى , وأشهر المدن التي بنيت في هذا العهد  ’’ أَغَرْمْ نْتَضْلِيزْتْ’’ و معناها : قصر الصوف.


6- النظام الإجتماعي عند المصعبيين : كانت كل فبيلة تدير شؤونها,  و كانت كل قرية تحكم نفسها , و كان لكل قرية مجلس تنتخبه القرية بواسطة أعيانها , و إذا كانت القرية تشتمل على قبائل كثيرة , قدمت كل قبيلة من يمثلها في المجلس , و يرأس المجلس رئيس ينتخبه الأعضاء من بينهم .
هذا المجلس هو الذي يدبر شؤون القرية , ويسنّ القوانين لها , و يفضّ خصوماتها .إنه المجلس التشريعي و القضائي , و رئيس المجلس هو القوة التنفيذية, و يظهر لنا من هذا أن البربر جُبلوا على حلى حب الإستقلال و الديمقراطية .

رجوع إلى الجدول الرئيسي.

الدولة الرستمية

1- تأسيسها: تأسست الدولة الرستمية عام 160 هـ على يد عبد الرحمن بن رستم , وتعد أول دولة  إسلامية مستقلة في المغرب الإسلامي .


2- ظروف تأسيسها: بعد أن تخرجت البعثة العلمية الأولى من مدرسة أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة بعد خمس سنوات من طلب العلم سنة 134 هـ , لم تمض ست سنوات حتى تمكن الإمام أبو الخطاب عبد الأعلى بن السمح اليمني من تأسيس أول دولة إسلامية في ليبيا سنة 140 هـ , ’ إلا أن أبا جعفر المنصور العباسي تمكن من القضاء على هذه الإمامة سنة 144 هـ لكن عبد الرحمن بن رستم الذي كان واليا على القيروان هبّ بجيشه لمساعدة أبي الخطاب , و لما بلغه وفاة أبي الخطاب و انهزامه لم ييأس فذهب مرة أخرى إلى قابس و القيروان ثم إلى المغرب الأوسط (الجزائر) , وتمكن من النزول عند قبيلة  ’’لماية’’ حيث وجد مؤازرة و مساعدة قوية , فاستطاع أن يؤسس هو وأنصاره الدولة الرستمية سنة  160 هـ , واتخذ تيهرت عاصمة لها.


3-
عبد الرحمن بن رستم:
ا- حياته:
ب- سيرته: كان عبد الرحمن بن رستم حاكما عادلا , بسيطا في مسكنه و لباسه , متقشفا وورعا , حيث يقول ابن الصغير في وصفه : ’’ فأذن للقوم , فدخلوا عليه فوجدوه رجلا جالسا على حصير فوقه جلد , وليس في بيته شيء سوى وسادته التي ينام عليها , و سيفه ورمحه و فرس مربوط في ناحية من داره , فسلموا عليه و أعلموه أنهم رسل إخوانه إليه , فأمر غلامه بإحضار طعامه فأتاه بمائدة عليها قرص خبز و سمن , ثم قال : على اسم الله , أدنوا و كُلُوا , ثم أكل معهم  ’’


4-
الحياة الثقافية و الإقتصادية في الدولة الرستمية: في عهد الدولة الرستمية , ازدهرت العلوم الشرعية و العقلية ازدهارًا كبيرًا حتّى أصبحت تيهرت تلقب بعراق المغرب , وهذا الأمر الهام ,يعود الى حرية الفكر و حرية المذاهب الاسلامية الأخرى التي كانت تعيش تحت ظل الدولة الرستمية 
كالمالكية,المعتزلة,الشيعة و أحسن دليل على ذلك ما أورده ابن الصغير المالكي القائل:’’و من أتى حلق الاباضية  من غيرهم قربوه و ناظروه ألطف مناظرة ,و كذلك من أتى من الاباضية الى حلق غيرهم كان سبيله كذلك’’. وكذا استمرت الدولة الرستمية في أداء دورها الاسلامي الثقافي في المغرب و السودان وغرب افريقيا بفضل دعاة الاسلام.
هذه الدولة الاسلامية شجعت التعليم و التأليف  و المكتبات و لا أدل على ذلك من وجود المكتية المعصومة في تيهرت التي تحتوي على 300.000مجلد في شتى العلوم الدينية و العقلية.
يقول المؤرخ الجزائري عبد الرحمن الجيلالي : ’’و لم تكن هناك دولة جزائرية كانت تداني حضارة هذه الدولة فيما بلغته من الرقي , و الإزدهار المادي و الأدبي , فلقد بلغت تيهرت يومئذ شأنا عظيما من العمران, و من توفر أسباب الحضارة   و الرفاهية , حتى أنها كانت تشبه و تقارن بقرطبة و بغداد و دمشق و غيرها من العواصم اللامعة’’.
و قد كان للتجار الرستميين الدور الأساسي في إخراج قبائل المغرب الأوسط من بداوتها و تكوين سكانها و شحذ أخلاقهم و مداركهم عبر السنين و الحقب , ذلك لأن التجار يحتكون بمعظم الشعوب و الأجناس فينقلون ثقافاتهم المتعددة  إلى المغرب , وهذا إن دل على شيء إنما يدل على ازدهار التجارة (الإقتصاد) في عهد الدولة الرستمية.


5-
الأئمة الرستميون:
1- الإمام عبد الرحمن بن رستم : مؤسس الدولة الرستمية , كان رجلا صلبًا , ورعًا , حازمًا , زاهدًا , دامت خلافته من سنة 160 هـ إلى سنة 171 هـ.
2- الإمام عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم : كان رجلا عظيمًا , سياسيا , حازمًا , ثارت في وجهه عدة فتن , فتغلب عليها , دامت خلافته من سنة 171 هـ إلى سنة 190 هـ .
3- الإمام أفلح بن عبد الوهاب :كان عالما , شاعرا , و قائدا محنكا ,قويت الدولة في عهده , دامت خلافته من 190 إلى 240 هـ.
4- الإمام أبو بكر بن أفلح:  كان أديبا , مترفا , ضعيف الشخصية , لم يعالج أمور الدولة بعزم و حزم كأبيه  , دامت خلافته سنة واحدة  من 240 إلى 241 هـ.
5- الإمام أبو اليقظان محمد بن أفلح: رجل زاهد , ورع تقي , عفيف اللسان و اليد , دامت خلافته من 241 إلى 281 هـ.
6- الإمام أبو حاتم يوسف بن أبي اليقظان : اضطربت أحوال الدولة في عهده , وكان كريم النفس , قتله أحد أقاربه , فدخلت الدولة في الإختلافات و التصدع , دامت خلافته من سنة 281 إلى 294 هـ.
7- الإمام اليقظان ابن أبي اليقظان : بايعه بعض أنصاره بعد مقتل أخيه يوسف , كان عهده مليئا بالفتن , دامت خلافته سنتين عاشها في قلق شديد من 294 إلى سقوط الدولة عام 296 هـ.


6- سقوط الدولة الرستمية: كان عهد الإمام اليقظان كما قلنا مليئا بالفتن و الصراعات بين الأسرة الحاكمة التي بدأ فيها سرطان حب الزعامة و العدول عن الحق و فضيلة التقوى و الورع , إذ أخذ الإمامة غصبا  و عاش فترة حكمه في قلق شديد بسبب الظروف المحلية و استفحال أمر الشيعة الذين استغلوا حرية الفكر و العقيدة  في الدولة الرستمية , كل هذه العوامل عجلت بسقوط الدولة الرستمية سنة 296 هـ بزعامة أبي عبد الله الحجاني الشيعي الذي قتل اليقظان بن أبي اليقظان و أسرته و حاشيته , و هكذا ينطبق المثل القائل : اتّق شر من أحسنت إليه.
فالأئمة الرستميون كانوا يجزمون بحرية الفكر و العقيدة و هذا تطبيقا لمبدإ المساواة و الإسلام دين المساواة , لكن للأسف الشديد انقلب هذا إلى ما لم يكن في الحسبان.


7- العلاقة بين بني مصعب و الرستميين : بعد سقوط الدولة الرستمية هاجر رعايا الإباضية و الرستميين من تيهرت إلى وارجلان ( ورقلة حاليًا ) و سدراتة  , وانعقد مؤتمر بمدينة أريغ  سنة 421 هـ , للنظر في مسائل الرستميين اللاجئين , لأن أريغ قد غص بسكانه و باللاجئين , فاقتضى المؤتمر على انتداب العلامة أبي عبد الله محمد بن أبي بكر ليجول في صحراء المغرب الأوسط عله يجد ملجأ للرستميين فوقع اختياره على بادية بني مصعب فبدأ أولا بالدعوة  إلى المذهب الإباضي حتى اعتنقه جميع الميزابيين ثم بدأت هجرة الرستميين الإباضيين إلى وادي ميزاب .
إذن فالعلاقة بين الرستميين و المصعبيين هو أن الرستميين هم الذين أرشدوا المصعبيين إلى المذهب الإباضي , و  المصعبيين هم الذين استقبلوا المهاجرين الرستميين إليهم.

رجوع إلى الجدول الرئيسي.

 

العهد التاريخي الثاني لبني ميزاب ( من 400 إلى 800 هـ)

1- تأسيس قرى جديدة في وادي ميزاب :  
تأسست في هذا العهد جل المدن الميزابية الحالية و من أشهر المدن المبنية في هذا العهد :
 أَغَرْمْ أَنْو َادّايْ (القرية السفلى),  تَاجْنِينْتْ ( العطف) , قرية بوكْيَاوْ , آتْ بُونُور (بونورة), تَغَرْدَايْتْ (غرداية), مُورْكِي , آت يَسْجَنْ (بني يزقن), أَتَمْلِيشَتْ( مليكة) , بابا السّعد .
و ستجدون تفاصيل أكثر عن هذه المدن في صفحة مدننا.


2- تحول بني مصعب من الإعتزال إلى المذهب الإباضي: بعد سقوط الدولة الرستمية هاجر رعايا الإباضية و الرستميين من تيهرت إلى وارجلان ( ورقلة حاليًا ) و سدراتة  , وانعقد مؤتمر بمدينة أريغ  سنة 421 هـ , للنظر في مسائل الرستميين اللاجئين , لأن أريغ قد غص بسكانه و باللاجئين , فاقتضى المؤتمر على انتداب العلامة أبي عبد الله محمد بن أبي بكر الفرسطائي (1)ليجول في صحراء المغرب الأوسط  عله يجد ما عسى أن يمكن التفسح فيه لأولئك اللاجئين و غيرهم من الإباضية بأريغ .
خرج العلامة برفقة ابنه و غلامه فساحوا بنواحي الجنوب فوقع اختيارهم على وادي ميزاب , إلا أنه معمور بكثير من المعتزلة , فرجع الرأي و المشورة إلى مؤتمر أريغ, فانعقد ثانيا ,و اتُّفق فيه على النزوح إلى هذا الوطن و تعميره بما يُصلح سكانه المعتزلة الميزابيين من العلم و الألفة و حسن الجوار.
فرجع الإمام المصلح هو وابنه و غلامه كأول مرة و في عام 422 هـ وصل بلدة العطف , وهي الوسط المعمور أكثر من غيره بالمعتزلة  , وبدأ في دعوته إلى المذهب الإباضي .
و لم تكن استجابة بني مصعب للشيخ أبي عبد الله  محمد بن أبي بكر لاعتناق المذهب الإباضي بالأمر السهل , إذ قتلوا أحد أبنائه  وهو ابراهيم , كما أن هذه الإستجابة بم تكن جماعية و فورية , فقد ظل عدد كبير منهم على اعتزاله زمنا .
و بعد أن استجاب جل المصعبيين إلى مذهب أهل الدعوة  و الإستقامة  بدأت هجرة  الرستميين إلى ميزاب .


3- الإعتماد على الفلاحة : لعل من أبرز سمات هذا العهد, أن بني مصعب صاروا يفكرون عمليا في تغيير حياتهم من النسق البدوي المتغير إلى النسق التحضري المستقر , فجعلوا يتجمعون في مدن أو قرى كبيرة و يحفرون آبارا لإقامة زراعة مستمرة تعتمد على الريّ الدائم , و استطاع المصعبيون أن ينشئوا واحاتهم   على وادي ميزاب و على روافده , واستعانوا على قسوة الطبيعة بعقيدتهم المتينة , و سلوكهم المستقيم وصبرهم , وكدهم المستمر ,و تقديس العمل اليدوي, والإستفادة من خبرات المهاجرين إليهم من سدراتة و أريغ .
كانت الفلاحة عند المصعبيين في العهد الثاني من تاريخهم  المصدر الإقتصادي الأساسي  , لكن و إلى جانب الفلاحة , كان هناك من يقوم بصناعات خاصة مثل صناعة الجبس التي كانت تحتكرها العائلات المعتزلة بالعطف , و صناعة الخزف و الجبس التي كانت من نصيب أولاد فخار في أَغَرْمْ أَنْوَادَّايْ بمليكة.


4- حَلَقة العَـزَّابـَة:  لقد كان هنالك تناقض واضح بين المذهب الإباضي و الشيعة الذين حكموا المغرب الأوسط بعد الرستميين و منهم المصعبيين , إذ أن الشيعوة في ذلك الوقت كانوا ضالين لا محالة , وأحسن دليل على ذلك ما قاله الشاعر ابن هاني في مدح المعز لدين الله الفاطمي الشيعي ( وهو من أمراء الفاطميين الشيعة )
ما شِئت لا ماشاءت الأقدار    فاحكم فأنت الواحد القهار
و كأنما أنت النبي محمــــد    و كأنما أنصارك الأنصـــــــار
أظن أن الأبيات غنية عن الشرح تماما,و لم يعترض الملك على هذه الأبيات , بل فرح و زها بها .
و في ضوء هذا , أدرك الإباضية المصعبيون أن الإمامة الإسلامية القائمة على التقوى و الشورى ,  لايمكن تحقيقها فيظل دولة شيعية تجعل الحاكم معصوما مرفوعا إلى درجة الألوهية ,  لذلك فكر الإباضية في نظام العزابة الداخلي للحفاظ على كيانهم و مذهبهم و النظام الإسلامي العادل.      
 
من أهم الهيئات الميزابية الإباضية التي تأسست في هذا العهد حَـلَـقَة  العَـزَّابة ,و المكونون لهذه الهيئة يعرفون في أوساط الميزابيين حاليًا باسم: إِعَــزَّابَـــنْ.
 
كانت السلطة  في المجتمع المصعبي أول الأمر بأيدي رؤساء العشائر , ثم تحول مركز السلطة في القرية إلى الهيئة الدينية , ثم تنقلت إلى حلقة العزابة التي رتيها الشيخ أبو عبد الله محمد الفرسطائي .
و لم تكن لهذه الحلقة في بادئ   الأمر أي سلطة على المجتمع , ولم يكن هدف الشيخ إخضاع المجتمع الإباضي المصعبي لحلقته .
فقد نظمها هو و تلميذاه : أبو الربيع سليمان بن يخلف  و أبو الخطاب عبد السلام منصور بن وزجون , و لم تكن إلا هيئة تربوية  تعليمية  ,  بعيدة عن السلطة و السياسة , هدفها الوحيد نشر الإسلام و الدعوة  إلى اعتناق المذهب الإباضي  , و تطبيق ميادئه ميدانيا , ولم يكن لها مقر دائم , ولم تكن تعقد حلقات التدريس في مساجد القرى , بل كانت تعقدها سرا بعيدا عن العمران.و لكن هذا النظام لم يبق على ماسطره الإمام أبو عبد الله و تلاميذه و إنما تطور مع الزمن , فكانت تضاف إليه من حين لآخر صلاحيات جديدة ,  وقد بقيت هذه الحلقات تعقد سرا , ولم يستعمل المسجد لهذا الغرض إلا في النصف الأول من القرن السادس هـ.و بعد مرور زمن تصدرت حلقة العزابة أمرها بمفهومها الشائع عند الميزابيين كسلطة  عليا مطلقة قائمة مقام الإمامة  العظمى  , وتتكون من اثني عشر رجلا.
 شروط الإلتحاق بحَلَقَة العَزَّابَة : لكي يلتحق أحد بالحَلَقة  يجب أن تتوفر فيه مجموعة شروط هي:
 - أن يكون بالغا مسلمًا , ذا أخلاق فاضلة و علم بالدين و الفقه.
- أن يكون حافظا لكتاب الله تعالى .
- أن يكون متزوجا , لأن الزواج يحصن النفس.
-  أن يكون صاحب عمل أو حرفة , فأعضاء العزابة  لا يتقاضون أي أجر , إنما عملهم خالص لوجه الله , وكلهم يعتمدون في  قوتهم على كد يمينهم.
و عدد أعضاء العزابة 12 رجلا من غير الشيخ الذي يتولى رئاسة المسجد و هم: الإمام و المؤذن ,و ثلاثة لتحفيظ القرآن للصبيان في المحاضر , وخمسة لغسل الموتى , ووكيلان على مال المسجد .
و للتعرف أكثر على  حلقة العزّابة اذهب إلى صفحة  : أنظمتنا.

5- تعرض بني ميزاب للغزاة :
كانت قوافل الميزابيين التجارية تتعرض للغزاة و قطاع الطرق بشكل دائم , و كان بنو ميزاب يتعرضون للغزاة حتى في مدنهم , لذلك أنشئوا الأسوار حولها , و يأتي السؤال هنا : من هم هؤلاء الغزاة  , و لماذا اختاروا ميزاب ؟
قطاع الطرق و اللصوص هؤلاء , هم البدو الأعراب الرحل من بني هلال و غيرهم , كانوا بدون مستقر  , يعيشون على النهب و السلب  و السرقة , و قد وجدوا في ميزاب أحسن مكان لعملهم ذاك , حتى أصبح الميزابيون يحتاطون بالأسلحة عندما يخرجون في قوافلهم .
لكن , و في ظل هذا , قد يتساءل البعض لقد كان بنو مصعب بدوا قبل أن ينشؤوا مدنهم , فهل كانوا يعيشون على نحو ما كان يعيش هؤلاء الأعراب من النهب و السلب ؟
الجواب : لا و ألف لا , فقد كان الميزابيون يعيشون من عرقهم , و كانوا يقطعون المسافات بحثا عن الأماكن التي تتوفر فيها المياه  ليستقروا فيها , و لايذكر التاريخ أبدا أنهم نهبوا قافلة تجارية لغيرهم أو نحو ذلك .
و قد استمرت أعمال النهب و السلب إلى وقت غير بعيد , فقد كان هناك في العقد الأول فقط من القرن الماضي , أحد أكبر قاطعي الطريق من الأعراب البدو , و   قد كان هذا الخبيث و عصابته و من قبلهم , يتخذون أحد السهول بضواحي القرارة كمركز لعملياتهم , حتى  سمى القراريون الميزابيون هذا المكان بـ : المقطع , دلالة على أن الأعراب كانوا يقاطعون قوافل الميزابيين القراريين  في ذلك المكان منذ القديم  , لكن أحد الميزابيين الأحرار , استطاع أن يقتل هذا الخبيث رميا ببندقيته البسيطة في أوائل العشرينات .

رجوع إلى الجدول الرئيسي.


الهوامش:
(1)
أبو عبد الله محمد بن بكر الفرسطائي: كان أبوه وجده من علماء نفوسة . درس على مشائخ الجبل ثم سافر إلى جربة فأخذ العلم عن بعض علمائها , ثم انتقل إلى القيروان ,و كانت حينئذ عامرة بعلماء الإباضية , ثم عاد إلى نفوسة و بنى مسجده هناك بفرسطاء , ولما انتقل إلى أريغ  كُلف بمهمة نشر المذهب الإباضي بوادي ميزاب , فأنجز مهمته و أسس نظام الحلقة .
توفي عام: 440 هـ  في تينسلي و هو كفيف البصر .
 

العهد التاريخي الثالث لبني ميزاب (800 هـ إلى 1269هـ-1853 م)

1- الحياة الإقتصادية :
1- الفلاحة و الري : اعتمد بنو  مصعب على الفلاحة وواصلوا في هذه الفترة تذليل الصعاب و تسخير امكانياتهم المحدودة جدا لتوسيع البقع الخضراء التي أصبحت بذلك واحات وظلت النخلة محور اقتصادهم , منها يتقوتون , وبعناصرها يتخذون سقوفا لبيوتهم , ويصنعون أثاثهم و أوانيهم , وفي ظلالها يستريحون من تعب الكد و حرارة الطقس , وتحتها يزرعون بعض البقول و الفواكه . إلا أن ذلك لم يكن بالأمر الهين , فالأراضي الصالحة كانت ضيقة , وحرارة الطقس و الزوابع الرملية لم تكن تسهل مهنة الفلاح , وفوق ذلك كله مشكلة ندرة المياه .
انكب بنو ميزاب لإحياء واديهم المجدب ,على حفر الآبار, بعزيمتهم الصادقة, فحفروا أكثر من ثلاثة آلاف بئر , يتجاوز عمق الكثير منها ثمانين مترا ,و أحدثوا حول هذه الآبار حدائق النخيل مما يتجاوز عدده مائتي ألف نخلة عام 900هـ فقلبوا صحراءهم جنانا خضراء تجري بين ربوعها المياه.
يتم نزح الماء من البئر بوادي ميزاب , بواسطة الجمل أو الحمار أو البغل , الذي يجذب الدلو بواسطة حبلين يمران على بكرتين , وذلك باتباع درب مائل يخفف عليه مشقة الجذب .عند إفراغ الدلو في الحوض تعود الدابة  في اتجاه البئر لتتكرر العملية  . يرافق الفلاح الحيوان ذهابا و إيابا لحثه على السير , ومساعدته في الجذب و تفريغ حمولة الدلو في الوقت المناسب , هذه الحمولة تتراوح بين عشرين وثلاثين لترا , ومعدل النزح مرتان في الدقيقة , ولايؤنس الفلاح إلا موسيقى البكرتين أو مايكرره من آيات القرآن .
2- الصناعة : كان من أهم الصناعات السائدة في هذا العهد بميزاب  صناعة الفخار ومن المنتوجات الفخارية:
ا-الجرار:
1- الخابية : سعتها خمسين لترا لخزن السوائل أو التمر , بدون مقبض.
2-
أَغَلُّوسْ: له مقبضان , سعته حوالي عشرين لترا , يخزن فيه التمر أو الماء أو السمن .
3-
تَاقَصْرِيتْ:بدون مقبض تستعمل لترطيب نوى التمر. للماعز.
4-
تَاقَدُّوحتْ:بغطاء و بدون مقبض لخزن المؤن .
ب- أواني السوائل:
1- الإبريق : سعته حوالي لترين .
2-
القلة : لها مقبضان سعتها ثلاثة لترات .
3-
أَقَدّوحْ: يسع لترا إلى لترين من اللبن .
4-
تَاقَدّوحْتْ: بمقبضين سعتها من نصف لتر إلى ثلاثة أرباع اللتر من الحليب .
5-
أَجَدّو: بمقبض واحد يستعمل للشرب.
ج- المكاييل :
1- النقاصة: بمقبضين أو مقبض لكيل السمن و الزيت , سعتها لتر واحد .
2-
باقي أجزاء المكاييل هي أجزاء أو أضعاف النقاصة  مثل نصف و ربع النقاصة , و تضبط سعته من طرف مجلس العزَّابة بمسجد البلدة.
د- الأكواب:
1- تَاغَلُّوسْتْ : هي الصحن.
2-
تَاغَدَّارْتْ: أي الجفنة .
3-
تَابْخُورْتْ : أي المبخرة .
4-
نير : أي القنديل.
هـ - مصنوعات أخرى:
1- تادْوات :أي المحبرة.
2-
سوفير: أي الميزاب.
3-
قادوس : أي الأنبوب.
كما كانت صناعة النسيج و الغزل منتشرة جدا في أوساط الميزابيات و للتعرف أكثر على أهم المنسوجات اذهب إلى صفحة: تقاليدنا.
كما أنه من أشهر الحرف بناء المساكن و حفر الآبار ومد السواقي و بناء السدود و الأحواض و صناعة الذهب و الفضة و الحلي التي اختص بها اليهود.
3-
التجارة: كانت تتم في سوق البلدة , حيث يتبادل أهلها مع قوافل البدو منتوجاتهم . فكان الأولون يقدمون المنسوجات التي صنعتها أيدي الميزابيات و الفائض من محصول التمور , مقابل الصوف و السمن و غير ذلك من خيرات البادية .


2- الحياة الإجتماعية و السياسية و الثقافية:
شكلت القرى اتحادا يسهر على شؤونه مجلس أعلى يضم ممثلين عن كل هذه القرى .منهم علماء و منهم أعضاء في العزابة .
إن هذا المجلس الأعلى مجلس تشريعي , فهو الذي يضع الأحكام و القوانين , كما يضع اللوائح الداخلية التي تخص البلاد كتحديد المكاييل و الموازين .
رئيس هذا المجلس يسمى شيخ وادي ميزاب , تنتخبه عزابة القرى من بينهم , ويتم تتويجه في اجتماع عام للعزابة يلبسونه عمامة بيضاء معهودة  و يدعون الله بدعاء معلوم.
علاقة ميزاب بالعثمانيين: إن المواقف البطولية للميزابيين في دحر الأوروبيين عن شمال إفريقيا , وتقديمهم يد المساعدة لخير الدين , منحتهم مكانة و تقديرا عنده , وعند من خلفه على السلطة من العثمانيين بالجزائر .
من مظاهر هذه المكانة , أن السلطة العثمانية بالجزائر منحت للميزابيين حق الإشراف على المذبح الرئيسي .
أما الحياة العلمية فكانت في وادي ميزاب مرموقة عبر التاريخ لا يمكن استيعابها في هذا القدر البسيط و ستجد علماء كل مدينة من المدن السبع في ملخص آخر هذه الصفحة , أو تجد أهم العلماء في صفحة العلماء.
3- تنظيم حياة الميزابيين بالتل : اتخذ بنو ميزاب في كل بلدة يكثر إليها ذهابهم إما دارا لنزول المسافرين مجانا ,يطلق عليها اسم دار العرش , وفيها قاعة للصلاة , وهي مجهزة بمرافق الطهارة , و إما مسجدا للصلاة , بجواره شقق لنزول المسافرين الميزابيين , كما اتخذوا مقبرة لدفن موتاهم , فيها مكان فسيح لاجتماعاتهم . و للتعرف أكثر على نظام ديار العرش ارجع إلى صفحة : أنظمتنا


4- امتداد العمران:
في هذا العهد أسس بنو ميزاب مدينتي القرارة( 1040 هـ - 1631 م ) و بريان (1060 هـ  - 1690 م )واتسع نطاق عمرانهم نظرا للتزايد السكاني فهاجرت قبيلتي العفافرة و أولاد باخّة  إلى الأغواط و هاجرت عشائر أخرى إلى متليلي و تقرت ووارجلان   و هاجر البعض كذلك إلى الشمال الجزائري.


5- مشاركة بني ميزاب في مقاومة احتلال الأوروبيين لشمال افريقيا:إن لبني مصعب مواقف ثابتة و بطولية ضد محاولة الأوروبيين غزو سواحل الشمال الإفريقي ومن هذه المواقف البطولبة :
ا - الميزابيون في جربة عام 1510م -916  هـ: شاركت فرقة الشيخ باحيو بن موسى  الفدائية الميزابية, في صد غارة الإسبان على جزيرة جربة بالجنوب الشرقي لتونس و التي تحطمت  فيها حملة (دون قارصيا) الإسبانية العتيدة .
2- الميزابيون في مدينة الجزائر عام 925 هـ - 1518 م: لما أحس خير الدين بربروس, أمير الجزائر بخطورة الموقف حيال محاصرة الإسبان لمدينة الجزائر عام 1518 م , استدعى إلى قصره الشيخ با حيو بن موسى  و هو من العطف  , و أمين الميزابيين في الجزائر  بكير بن الحاج محمد بكير و هو من مليكة و غيرهما من المجاهدين الميزابيين يستشيرهم .فاتفقوا معه على أن يقوموا بعملية فدائية يحبطون بها المخطط الإسباني .
بعد ذلك اجتمع الميزابيون بفرن الشعبة , وهو موضع المسجد الإباضي بالجزائر حاليا , فاختاروا من بينهم سبعين فدائيا , فقرروا حمل السلاح على النعش و السير به إلى المعسكر الإسباني بحي حسين داي حاليا , فذهبوا بالتكبير و التهليل على شكل جنازة مخترقين لقوات العدو و لما وصلوا إلى المكان المحدد قام أحدهم بإضرام النيران في مستودع ذخيرة العدو وقُتل, بعد ذلك فالتحمت المعركة , و أشعل الفدائيون الميزابيون النار في القوارب و السفن , و لم يكد ينجو من الإسبان أحد و فر القائد الإسباني ’’ دون هوقو ’’  مع من بقي ما رجاله و سفنه.  
و تجدون عمليات جهادية أخرى في  صفحة ميزاب و الجهاد.

6- محاولة صالح باي بقسنطينة ضم ميزاب إلى ولايته: حدث ذلك سنة 1206 هـ - 1792 م و سبب ذلك أن صالح باي (والي مدينة  قسنطينة) طالب التجار الميزابيين  في قسنطينة بغرائم باهضة دون غيرهم , مما أدى إلى سوء تفاهم بينه و بينهم , فتجرأ عليهم و صادر أموالهم و أملاكهم و أجلاهم من قسنطينة  فالتجؤوا إلى زاوية بوحجر ,  فأكرمهم شيخ الزاوية و بالغ في إكرامهم , ثم رجع بهم إلى قسنطينة  و لام صالح باي و  أمره أن يرد إليهم ما  نهبه منهم , فامتثل صالح باي رغم أنفه .
عند ذلك وجه صالح باي طلبا إلى حسن باشا الدولاتي أمير الجزائر العثماني و طلب منه أن يهب له وادي ميزاب ليكون تحت سلطته , راغبا في الإنتقام منهم . لكن علماء ميزاب و أهل الرأي و  المشورة به من مجلس العزابة , اجتمعوا و رفضوا ضمهم إلى صالح باي , فانتدبوا الشيخ الحاج ابراهيم بن بيحمان ليقوم بتحرير ر سالة في الشأن ,  ثم أوصلها إلى حسن باشا , فأجاب حسن باشا عنها و أبطل ما عهد إلى صالح باي  من ضم ميزاب إلى ولايته.

7- مقاومة الميزابيين للإحتلال الفرنسي: كان الميزابيون يتمتعون باستقلالهم الذاتي طوال فترة الحكم العثماني , ولما دقت ساعة الخطر , بهجوم الحملة الفرنسية , أسرعوا بالتطو ع في صفوف المقاومين الأمامية في سيدي فرج  و اسطاوالي ( مدينتان قرب العاصمة الجزائرية ) , و على طول الطريق المؤدية إلى الجزائر , دفاعا عن راية الإسلام و صدا للشرك , فسجلوا صفحة خالدة و مدجيدة في تاريخهم الجهادي البطولي من القديم.
ثم أسرعت في أثناء ذلك جميع قرى وادي ميزاب بارسال حوالي أربعة آلاف مقاتل متطوع ميزابي بكامل عدتهم و سلاحهم  إلى ميادين المواجهة , فكانوا في الطلائع مع المجاهدين الأبطال .
و لما زالت السلطة العثمانية من الجزائر , عاد بنو مصعب إلى ماكانوا عليه من الإنكماش حول أنفسهم , إلى أن حدقت بهم السلطة الفرنسية , فعقدوا مع الضابط الفرنسي ’’ راندون ’’معاهدة  الحماية  سنة 1853 م , و الذي تضمن أن يأمن الو الي العام على الجزائر تجارة الميزابيين , و تأمين سفرهم عبر الأرجاء المحتلة  ,  وتعهدت فيها فرنسا بحفظ بلادهم و احترام معتقداتهم و صيانة عوائدهم , وأن لا تتدخل أبدا في شؤونهم الداخلية.
بعد أن أمضى الميزابيون المعاهدة  , رُفع الحصار الإقتصادي الذي كان مفروضا على بلادهم .
و عينت  يتح اليهودي آغا على ميزاب , ولكن الميزابيين اعتبروا ذلك إهانة لهم , وتدخلا في أمورهم الداخلية ,  ومناقضا لمضمون معاهدة الحماية , وامتنعوا عن قبوله , لكن فرنسا نصبته و تحدت بذلك الشعور القومي لدى الميزابيين , و لكن السيد ابراهيم كولا , يوم 21 جويلية 1860م في منطقة بين بني يزقن و مليكة  .
غضبت القوات الفرنسية  و أعياها التعرف على القاتل , فأمرت بإلقاء دية  اليهودي الفادحة على كافة المدن السبع , تدفع كل مدينة منها حسب عدد سكانها و مقدارها عشرة آلاف فرنك , بالإضافة إلى غرامة قدرها ثلاثون ألف فرنك لعدم التصريح بالقاتل.

8- المصعبيون في صفوف الأمير عبد القادر : كان الميزابيون من أطوع جند الأمير عبد القادر  ( أحد المجاهدين الجزائريين أو كما يدَّعون) , وقد اتخذهم من خواصه و حاشيته , حيث كان الطبيب الماهر أحمد باي أحمد بن باعيسى طبيب الأمير الخاص و كاتبه و أمين سره , وهو من مدينة مليكة وكان حمو بن يحيى من تجار معسكر من خاصة الأمير , وكان الحاج داود بن محمد بن موسى بن أحمد من أثرياء دولة الأمير, و كان أمين ماله و كان يطبع له عملته ذهبا ,كما كان يصنع له السلاح بوادي ميزاب , كما كان هنالك الآلاف من المتطوعين الميزابيين في جيش الأمير و كانوا من أخلص جنده , لكن الأمير هذا لم يكافئ الميزابيين نعم المكافأة  على كل ذلك, بل العكس , كما سنرى .

7- رفض تسليم قرى ميزاب إلى الأمير عبد القادر : إن الميزابيين الذين لم يترددوا لحظة  في مساعدة  الأمير بالرجال و الأموال ضد المحتلين , رفضوا الخضوع لحكمه ,  فانقلب عليهم كالوحش , و هنا ينطبق المثل القائل : ’’ اتق شر من أحسنت إليه ’’ مرة  ثانية في تاريخ ميزاب.
 
بعد إبرام معاهدة التافنة بين الأمير عبد القادرو القوات الفرنسية  (بعد الإحتلال الفرنسي للجزائر ) , و قصد إخضاع ميزاب لحكمه , حاصر عبد القادر قرية عين ماضي بمدينة الأغواط بالجزائر ,  مدة ثمانية  أشهر  بين عامي 1838 م - 1839 م  , لكنه لم يستطع إرغام شيخها على توقيع معاهدة سلم إلا بعد أن أمده الماريشال الفرنسي فالي بقذائف لمدفعيته ( مما يدل على أن الأمير عبد القادر هذا عميل لدى الفر نسيين ) .
و أثناء هذا الحصار  كتب للأمة  الميزابية أن تعترف بحكومته و  تدخل تحت علمه , ثم ختم رسالته بهذا التهديد : ’’ فإن رفضتم الخضوع لسلطاني فسأعاقبكم معاقبة أليمة  ,  أقطع رأس كل ميزابي يقع بين يدي ’’ , سبحان الله ,  أهذه أخلاق مجاهد مدافع عن و طنه ؟ , إنه يقاتل أمته ,  فكيف يقاتل عدو ه , أهذه هي أخلاق المجاهدين ؟  , لا و ربي , إنما هو مجاهد زور أعمته الدنيا و شهواتها عن واجبه الحقيقي.
على كل , اتفق علماء ميزاب على ألا يدخلو ا في طاعته , ولا يدفعوا له غرامة  , ولا يتعاملوا مع قوافله التجارية , لأن أموره كلها غصبها من الناس , و سلطته التي يدعيها غير صحيحة , ورد عبد القادر  بأن ألقى القبض على كل الميزابيين الموجودين في ولايته و ضرب عليهم غرامات أفقرهم بها .

رجوع إلى الجدول الرئيسي.

1-  التعليم في فترة الإحتلال :
1- التعليم الإسلامي الحر : استمرت المحاضر التابعة للمساجد في ميزاب نؤدي رسالتها , وتلقن للصبيان القرآن و مبادئ الكتابة و القراءة و علوم التوحيد و الفقه منذ القرن الخامس عشر  , كما كان المشائخ يدَرّسون في حلقات , فنون الشريعة و اللغة العربية و غيرهما , للتلاميذ الكبار , إما في دور خاصة , أو في المسجد , و إليك على سبيل المثال تقريرا في الموضوع حول التعليم التابع لمسجد بني يزقن للعام الدراسي 1896م:
1- المدرس:  السيد الحاج محمد بن يوسف اطفيش (والد الشيخ ابراهيم اطفيش قطب الأئمة)
 الأيام:  كل يوم ماعدا الخميس و الجمعة.
 التوقيت : من صلاة الفجر إلى طلوع الشمس شتاء قدر ساعتين.
ومن صلاة الظهر إلى صلاة العصر صيفا قدر ساعتين.
 الفن و التلاميذ:
التوحيد و الفقه : اسماعيل بن ابراهيم.
تفسير القرآن : عيسى بن الحاج سعيد .
الحديث النبوي :الحاج محمد بن يحيى .
الفقه: الحاج محمد بن سليمان و الحاج محمد بن محمد بن عبد الله.
النحو : الحاج يحيى بن محمد و يوسف بن الحاج.
2- المدرس: السيد محمد بن عمر بن عيسى .
الأيام: شهر رمضان فقط.
 التوقيت :  من صلاة الظهر إلى صلاة العصر قدر ساعتين , ثم بعد صلاة العشاء قدر ساعتين كذلك.
 
الفن: الميراث و الحساب.
التلاميذ: عيسى بن عيسى , يوسف بن الحاج يوسف , محمد بن صالح بن حمو , محمد بن الحاج ابراهيم بكير بن داود , بكير بن عدون .
و غيرهم الكثير من المدرسين الذين كانوا يزاولون مهنتهم في تلك الظروف الصعبة .
و في 1928 تأسس معهد الحياة بالقرارة , وكان أول معهد ثانوي إسلامي بالجزائر فبعث نورا ساطعا في ميدان العلم , و استمر نوره إلى يومنا , و للتعرف أكثر على المعهد , ارجع إلى صفحة : جمعياتنا.
ب- التعليم الرسمي الفرنسي: بنيت مدرسة غرداية الفرنسية سنة 1889 و فتحت مدرسة العطف سنة 1892 م , و فتحت كذلك المدرسة الرسمية ببني يزقن يوم 15 أكتوبر 1892م, و مدرسة مليكة عام 1907 م .
و قد كان الأطفال البالغون سن الدراسة  يجبرون عليها قهرا و كان أولياؤهم يشتكون من هذا التصرف , ويحاولون تهريبهم من المدارس , ولضمان سير هذه المدارس فإن السلطات الفرنسية بغرداية كانت لا تسمح لتلميذ من مغادرة المنطقة إلا برخصة .
ظل بنو ميزاب يقاطعون التعليم الفرنسي و يعتبرون أن المدارس الفرنسية أنشئت قصد نشر الكفر و محاربة الإسلام , وأن مهمتها القيام بالغزو الفكري الغربي لأبناء المنطقة المحافظين الملتزمين.


2- إحصاءات السكان:
أجريت عدة إحصاءات للسكان بميزاب في فترة الإستعمار و كانت نتيجته بصفة عامة   مايلي:
 أول إحصاء بعد إلحاق ميزاب بفرنسا:
 

إباضي

مالكي

المجموع

31001

798

32537


ب- إحصاء 29 مارس 1896:
 

إباضي

مالكي

المجموع

21224

3155

25254

3- الفلاحة و الري في فترة الإستعمار:
في هذه الفترة تمت إقامة أربعة سدود جديدة على وادي ميزاب :
سد غرداية عام 1883م  و سد مليكة عام 1888 م و سد في بونورة عام 1888م و السد الجديد بغرداية عام 1897.
كما بلغ عدد النخيل في وادي ميزاب بعد الإلحاق الفرنسي لوادي ميزاب 175106 نخلة و الآبار 2975 بئرا.
و فيما يلي معدل ما يملكه كل فرد من النخيل بعد الإلحاق:
غرداية:  4.5 نخلات للفرد
مليكة:   1.5 نخلة للفرد.
القرارة:  8 نخلات للفرد.
بونورة : 7.9 نخلة للفرد.
العطف: 9.4 نخلات للفرد.
بني يزقن: 5 نخلات للفرد.
بريان:  5.5 نخلات للفرد.
في وادي ميزاب:5.4 نخلات للفرد.

4- التجنيد الإجباري للميزابيين :
بعد قيام الحرب العالمية الأولى 1912 م , فرضت السلطة الفرنسية التجنيد الإجباري للجزائريين في صفوفها ضد دول المحور ( ألمانيا و إيطاليا) على كافة مدن التل , وفرضت التجنيد على الأهالي البالغين 19 عاما, غير المولودين بتلك المدن ,و القاطنين بها منذ أكثر من سنة , فاحتج الميزابيون ضد التجنيد الإجباري لشبابهم العاملين بالتل  , لأن ذلك يتعارض مع الدين , ويتخالف لبنود معاهدة 1853 م( معاهدة الحماية التي سبق ذكرها ) , و في سنوات الحرب الأولى , استجابت جميع نواحي الجزائر بالتل و بأراضي الجنوب إلى نداء فرنسا , إلا بنو ميزاب فإنهم تمسكوا بموقفهم الرافض للتجنيد.
توالت الإحتجاجات ضد التجنيد الإجباري , إلى أن قدّم وزير الحرب الفرنسي إلى الوالي العام للجزائر يوم 12 مايو 1920 , تقريرا يصرح فيه أن الميزابيين رعايا فرنسيين , مثل غيرهم من الجزائريين  , وأنهم ملزمو ن بالتجنيد.
عندئذ توالت الإجتماعات لضبط خطة معارضة للتجنيد الإجباري , ففي 19 مارس 1921م , عقد أعيان مدينة بني يزقن جلسة حضرها قاضيها الحاج أحمد بن الحاج حمو , للاحتجاج ضد كثير من القضايا , ومنها التجنيد الإجباري , الذي يضع الميزابي الإ باضي في خدمة الكفار , معرضا حياته في سبيلهم علما أن الجهاد لايصح إلا لنصرة الإسلام , و بعثوا بمبعوثين إلى عمالتي الجزائر ووهران و قسنطينة في هذا الشأن.
لكن فرنسا جندت 21 متطوعا من بني ميزاب عام 1921 و لم يلبوا النداء, واعتبرتهم متمردين فارّين من السلطة.
و ظلت السلطة الفرنسية تجند الميزابيين بالقوة , فمنهم من ذهب مرغما و هم قليلون , أما الباقي ففروا, واستمرت المظاهرات و الإحتجاجات ضد التجنيد بميزاب إلى سنة 1935م.

5- النشاط السياسي لبني ميزاب ضد فرنسا :
شارك الميزابيون بفعالية  و نشاط في الحرب السياسية  و الإعلامية ضد فرنسا , إذ أن  الشيخ صالح بن يحيى اليزقني كان من الأعضاء الإداريين في الحزب الحر الدستوري الذي أسسه عبد العزيز الثعالبي ( شخصية ثورية جزائرية) , كما قامت السلطات الفرنسية  بتفتيش منازل كل من سليمان بن عيسى و زكري بن سعيد و الحاج عيسى بن محمد و ابراهيم بن سليمان للكشف عن وثائق تثبت صلتهم بالحزب الدستوري ., كما كان الشيخ محمد بن بكير مديرا لجريدة الصديق في سنة 1921 و قد صدر منها 4 عددا .
و اشترى خمسة ميزابيين بالجزائر العاصمة مطبعة ’’كريسانزو’’ التي تطبع بها جريدة الإقدام و ذلك قصد تزويد صحيفة الصديق السابق ذكرها.
أما مجلة المنهاج فقد أصدر منها الشيخ أبو اسحاق ابراهيم اطفيش بالقاهرة سبعة عشر عددا .
و هنا يأتي ذكر الشيخ الجليل أبو اليقظان عميد الصحافة الجزائرية , إذ أصدر في مدة اثني عشر عاما ثمان جرائد وطنية بالجزائر , وهي على الترتيب:
وادي ميزاب: 119 عددا , صدرت سنة 1926.
ميزاب : عدد واحد يوم 25/1/1930.
المغرب: 38 عددا صدرت سنة 1930.
النور :78 عددا صدرت سنة 1931.
البستان : 10 أعداد صدرت سنة 1933م.
النبراس:6 أعداد صدرت سنة 1933م.
الأمة : 170 عددا سنة 1933م.
الفرقان:6 أعداد سنة 1938.
فالشيخ أبو اليقظان من أبرز الصحافيين في ذلك العهد , ومن أبرز المجاهدين بالقلم.
و كان بكير بن الحاج سليمان أبو العلا مدير جريدة الروح التي صدر منها 30 عددا و التي صدرت سنة 1937.
و من أبرز الكتّاب الذين نشروا مقالاتهم على أعمدة مختلف هذه الصحف و غيرها هم:
العلامة أبو اسحاق اطفيش , أبو اليقظان ابراهيم ,محمد بن الحاج ابراهيم , سليمان بوجناح , عبد الرحمن بن عمر باكلي , رمضان حمود , الشيخ العلامة ابراهيم بن عمر بيوض , عدون بن الحاج شريفي.

6- امتداد العمران: مع بداية الخمسينات بدأت تنتشر أحياء جديدة حول غرداية و مليكة , تستقبل البدو  , هذه الأحياء هي : مرماد , العين , بابا السعد , داده علي , ثنية المخزن.
و في سنة 1955 , شرع في دراسة المخطط المعماري لوادي ميزاب , ووضع رفيرو ( والي فرنسي) مخططه المعماري عام 1960م, و نظرا للتزايد السكاني , وبدل الهجرة , تعدى بنو ميزاب أسوار مدنهم القديمة و بنو بعدها , فتوسع العمران في المساحات حول المدن , بدل أن كان منحصرا وراء السور.

7- النضال السياسي و العسكري من أجل استرداد السيادة الوطنية : عرف بنو  ميزاب عبر تاريخهم دائما بالمواقف البطولية و الجهادية و الدفاع عن الحق , و قد كان لهم الدور الفعال في الثورة التحريرية للجزائر عام 1954م و التي انتهت باستقلال الجزائر عام 1962م ,لا كما يدعي البعض ممن امتلئ قلبه بالحقد , أنه ليس لبني ميزاب أي دور جهادي في الثورة , و ستجد معلومات و نماذج أكثر من جهاد الميزابيين في هذه الفترة في صفحة : ميزاب و  الجهاد.

8- قضية فصل الصحراء:  اتخذ المخططون الفرنسيون لفصل الصحراء عن الجزائر محور ارتكازهم , منذ نشأة شركة ريبال للتنقيب عن البترول سنة 1946 , على بني ميزاب خاصة , باعتبارهم سياسيا و جغرافيا و تاريخيا   , العنصر الأساسي الحساس في الصحراء الجزائرية , يعتمدون عليهم في الدرجة الأولى في إنشاء الجمهورية الصحراوية.
اضطرت فرنسا , وقد أحرجها الموقف المتصلب للشيخ بيوض (1) في المجلس الجزائري , إلى ارسال لجنة برلمانية إلى ميزاب سنة 1955 , فقام الشعب بمظاهرات سلمية أمام أعضاء اللجنة , يعبرون عن تمسكهم بفكرة ربط الصحراء بالشمال , وقد ألقى الشيخ بيوض خطابا أمام اللجنة , يؤكد فيه رفض فصل ميزاب عن الشمال , وبعد عام أرسلت لجنة برلمانية أخرى لنفس الغرض , فكانت النتيجة الرفض المطلق كذلك  فاغتاظت فرنسا , وفاجأت الميزابيين بمؤامرة مقاطعة تجارتهم ببعض مدن التل فذهب ضحيتها كثير من الشهداء , وأحرقت دكاكينهم , و نهبت أموالهم.
بعد أن خمدت هذه  الفتنة أنشأت فرنسا وزارة خاصةبالصحراء سنة 1957 م, و مارست ضغوطات شديدة على الميزابيين  لقبول الفصل .
في 1959م , أوفد شارل دوغول (حاكم الجزائر العام) إلى ميزاب ,وزير الدفاع , فاجتمع بالشيخ بيوض , ومعهما رئيسا بلدية ودائرة غرداية , وعدد من المسؤولين , و بعد تفاوضهم في قضية فصل الصحراء , وتأسيس دولة حرة قاعدتها ميزاب , فأجاب الشيخ بيوض : ’’ بما أن الصحراء تضم خليطا من السكان , بني ميزاب , والشعانبة , والطوارق , و المخاليف , وغيرهم , فالجواب على طلبكم يكون على طريق استفتاء حر , فالقضية قضية الجميع لا تخصنا نحن الميزابيين’’
و توالت عشرات الزيارات و المحاولات لفصل الصحراء دون جدوى, وكان دعاة الفصل يجمعون على أن بني ميزاب إذا لم يقبلوا انفصال الصحراء عن الجزائر  , فإن شيئا من ذلك لايتم , فهم عنصر أساسي , و قبولهم ضروري, ووجودهم ضمن هذه الجمهورية الصحراوية هو ضمان وجودها و بقائها.
رجوع إلى الجدول الرئيسي.


الهوامش:
(1)
الشيخ ابراهيم بن عمر بيوض : واحد من أعظم رواد الإصلاح الميزابيين بالجزائر , و أعظم المشائخ , و العلماء, كان رائد الإصلاح في الجزائر و في ميزاب , خلف الشيخ اطفيش في مهمته الإصلاحية, و كان من الأعضاء البارزين لجمعية العلماء المسلمين. ختم تفسير القرآن الكريم , وله عدة مواعظ مسجلة و مجموعة كبيرة من الفتاوى الهامة  , توفي عام  1981 , للتعرف أكثر عليه اذهب إلى صفحة العلماء.

1- الحياة العلمية :
في هذا العهد نالت الجزائر استقلالها فتيسرت المهمة الإصلاحية لعلماء الميزابيين , و فتحت أبواب المدارس الإسلامية على مصراعيها بعد أن كانت في الخفاء عن أعين الفرنسيين , فتخرجت أجيال و أجيال من العلماء و المصلحين من مختلف المدارس و المعاهد الميزابية , كمعهد و مدرسة الحياة , و المدرسة الجابرية و معهد عمي سعيد  ... , تحت قيادة رجال الإصلاح كالشيخ ابراهيم بيوض .... إلخ .

2- الثورة الزراعية و أثرها على الميزابيين :
نهضت الثورة الزراعية بالجزائر في أوائل السبعينات , و لكن هذه الثورة التي كان الناس يعتبرونها شيئا عظيما ساهم في اقتصاد البلاد ..... , لم تكن كذلك بالنسبة للميزابيين , فقد أثرت سلبا عليهم من جميع النواحي , و قد عانوا من الظلم أكثر مما كانوا يعانون وقت الإستعمار الفرنسي .
و إليكم تفاصيل ما كانوا يعانون   :
قامت الثورة الزراعية تحت شعار " الأرض لمن يخدمها " , و معنى هذا الشعار أن من لم يخدم أرضه تسلب منه و تقدم إلى من يريد خدمتها , و كأن الحكومة مسؤولة عن هذه الأراضي , و مادخل الحكومة فيمن خدم أو لم يخدم أرضه ؟, أليست ملكه و حصل عليها بكده و عرقه ؟
و لو كان هذا الشعار طبق بصورة صحيحة لقلنا أن معها بعضا من الحق , لكن الكارثة أنها كانت تسلب الأراضي ممن اعتنى بها و خدمها بعرقه و تهبها للكسالى و البطالين , أي أنها طبقت عكس الشعار تماما .
و كان الميزابيون من الكثيرين ممن تاثر بهذا النظام  الفاسد , إذ كان الواحد منهم , مازالت يديه ملطخة حتى بأوحال أرضه , و يأتي الجنود تحت قناع الثورة الزراعية مدججين بالسلاح , ليطردوا المسكين من أرضه , لماذا ؟ , هذه هي الأوامر .
و كانت هذه الأراضي التي أمضى الميزابيون قرونا ليحولوها جنانا خضراء  كما ذكرنا , تمنح للأعراب البدو المحيطين بميزاب كالأشباح , أليس هذا تمييزا عنصريا ؟ إنه أكثر من التمييز الذي تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين ربما .
بعد أن استولى الأعراب على هذه الواحات الجميلة , حولوها خرابا و أراض بورا بعد أن كانت جنانا و رياضا , و لم تبق إلا أجزاء قليلة من الأراضي ملك للميزابيين.
 

3- رحيل رجال الإصلاح , و تحمل خلفهم للمهمة :
رحل في هذا العهد العديد من رجال الإصلاح و علماء ميزاب , و جاء الدور لخلفهم و تلاميذهم ليتحملوا المهمة الإصلاحية التي حمل لوائها الشيخ محمد اطفيش ثم خلفه الشيخ ابراهيم بيوض .
و من أبرز العلماء و المصلحين الذين فارقوا الحياة الدنيا و رحلوا إلى ديار الخلد أسكنهم الله في ديار النعيم :
الشيخ أبو اليقظان ابراهيم , الشيخ بيوض ابراهيم , الشيخ بكلي عبد الرحمن , الشيخ حمو عيسى النوري , محمد علي دبوز , ...
و من أبرز المشائخ الذين خلفوهم في مهمة الإصلاح : الشيخ الأستاذ سعيد شريفي عدون .

 4-تأبين المشائخ بالمهرجانات و الندوات :
فقد وادي ميزاب ( كما سلف ذكره ) فوجا كبيرا من العلماء و المربّين , و كان على بني ميزاب أن يشرحوا سير هؤلاء الأعلام لأبنائهم و للأجيال الصاعدة ليكونوا لهم قدوة في حياتهم بعد الرسول الكريم (ص) , و صحابته رضوان الله عليهم أجمعين .
كان آخر هذه المهرجانات مهرجان الشيخ أبي اليقظان ابراهيم في مارس 2003 م , و قبله مهرجان الشيخ بيوض عام 2000   , و كذلك حفل تأبين الشيخ صالح الطالب باحمد 1982م .

الصفحة الرئيسية
جميع الحقوق محفوظة للشبكة الميزابية